تلخيص مادة العقود التجارية


 



الباب الأول: البيع التجاري

الفصل الأول: القواعد العامة للبيع التجاري

يعتبر البيع التجاري أهم عقد تجاري وأكثرها شيوعاً في العمل، ورغم ذلك فإن نظام المحاكم التجارية لم يذكره ضمن العقود التجارية التي تحدث عنها ولم يتعامل معها تنظيمًا، وفي الحقيقة موقف نظام المحاكم التجارية في هذا الصدد يتوافق تمامًا مع موقف التقنين التجاري الفرنسي.

ويخضع البيع التجاري من حيث تكوينه وآثاره للقواعد العامة التي تنطبق على العقود المدنية، أي أحكام المعاملات في الشريعة الإسلامية للمملكة وقواعد القانون المدني للدول الأخرى. كما يخضع البيع لقواعد العادات والتقاليد التجارية.

المبحث الأول: التزامات البائع

تنحصر التزامات البائع في الالتزام بالتسليم والالتزام بالضمان وهما:

الفرع الأول: الالتزام بالتسليم

مضمون الالتزام بالتسليم: يتم التسليم بوضع الشيء المبيع تحت تصرف المشتري حتى يتمكن من حيازته والاستفادة منه دون عائق، حتى لو لم يحجزه مالياً، ما دام البائع قد أبلغه بذلك، والتسليم في. يعتبر الفقه الإسلامي إما حقيقيًا أو حكميًا. والتسليم الحقيقي في المنقولات يكون بالإعطاء والأخذ كل بحسب ما يليق به، أما التسليم الحكمي فهو التنازل بين المشتري والبائع، أي بإزالة العوائق التي تحول دون أخذها بالإذن.

وأن التسليم في البيع التجاري يكون رمزياً وذلك بأن ينقل البائع إلى المشتري صكاً يمثل البضاعة المباعة كإيصال المخزن العام الذي أوضعت فيه البضائع أو سند الشحن البحري أو تذكره النقل.

زمان ومكان التسليم: يلتزم البائع بتسليم المبيع في المكان المتفق عليه ولا يبرأ البائع بتسلميه في غير هذا المكان بدون رضا المشتري، ويجب التسليم في الميعاد المحدد في العقد، وإذا اتفق الطرفان على أن يتم إرسال البضاعة في أسرع وقت فإن التسليم يجب أن يحدث بعد انقضاء المدة اللازمة لإنتاج السلعة إذا كانت لم تصنع بعد.

أما إذا اتفق على وجوب تسليم المبيع في مدة معينة فيعني ذلك في عرف التجار منح البائع عند الاقتضاء مدة إضافية معقولة لإجراء التسليم، أما إذا اتفقا على التسليم متى شاء المشتري، فلا يجوز لهذا الأخير تحديد أجل التسليم بصورة تحكمية غير معقولة ويجب أن يحدد موعد التسليم في هذه الحالة طبقا للعرف مع مراعاة ماهية البيع.

جزاء الإخلال بالتزام التسليم: إذا أخل البائع بالتزامه بالتسليم كان للمشتري حق الخيار بين طلب التنفيذ العيني أو طلب الفسخ مع التعويض في الحالتين.

حق الاستبدال: في حالة عدم قيام البائع بالتسليم يلتزم البائع بتعويض المشترى عن فروق الأسعار إذا اضطر إلى الشراء بثمن أعلى من الثمن الأصلي.

إنقاص الثمن: يشترط القضاء لاستبعاد الفسخ والاكتفاء بإنقاص الثمن شرطين:

1- أن يكون التفاوت من حيث الكمية أو الصنف قليل الأهمية

2- ألا يكون هناك اتفاق بين البائع والمشتري على استبعاد هذا الجزاء صراحة أو ضمناً.

الفرع الثاني: الالتزام بالضمان

وقد ثبت في الشريعة أن البائع يضمن الثمن المباع عند الاستحقاق، حتى لو لم يشترط الضمان في العقد. بل يبطل البيع إذا اقترنت بشرط أن البائع لا يضمن ثمن المبيع عند استحقاقه، وفي الواقع نادراً ما ينشأ ضمان الاستحقاق في المبيعات التجارية، بالنظر إلى أن هذه المبيعات تتم في الغالب. المنقولات. المواد التي تطبق عليها قاعدة "الحيازة في سند الملكية المنقول، ويلتزم أيضا بضمان العيوب الخفية، وإذا وجد عيوب الخفية فإنه يوجد خيار بين طلب الفسخ أو إنقاص الثمن، كما يجري العرف التجاري على استبعاد الفسخ والاكتفاء بإنقاص الثمن كما هو الحال عند إخلال البائع بالتزامه بالتسليم.

المبحث الثاني: التزامات المشتري

الالتزام بدفع الثمن:

يلتزم المشترى بدفع الثمن في الميعاد المتفق عليه، حيث يجوز أن يكون الثمن معجلاً أو مؤجلاً وهنا يجوز للمشترى أن يوفى قبل حلول الأجل لأن الأجل يفترض فيه أنه لمصلحة المشتري، وقد استقر العرف التجاري على خصم نسبة صغيرة من الثمن في حالة تعجيل المشتري للوفاء والعرف هو الذي يجدد النسبة المئوية من هذا الخصم.

ويدفع المشترى الثمن بالعملة المحلية ويكون للبائع الذي لم يستوف الثمن المستحق الأداء حق حبس المبيع حتى يستوفى الثمن وإذا امتنع يباع من متاعه جبراً عنه ما يفي بالثمن المطلوب منه، أما إذا مات المشترى مفلساً بعد قبض المبيع وقبل دفع الثمن فالبائع أسوة الغرماء، أما إذا مات المشترى مفلساً قبل قبص المبيع ودفع الثمن، فالبائع أحق بحبسه إلى أن يستوفى الثمن مت كرة المشتري أو ببيعة القاضي.

الالتزام بتسليم المبيع

يلتزم المشترى بتسليم المبيع في الزمان والمكان المتفق عليهما، فإذا لم يتفق الطرفان على زمان ومكان تسليم المبيع، فإن وقت تسلم المبيع يكون عقب أداء الثمن الحال، فإن كان الثمن مؤجلاً أو مقسطاً فعقب العقد أو دفع ما اشترط تعجيله من الأقساط، وفي حالة عدم قيام المشترى بتنفيذ التزامه بتسلم المبيع في الميعاد المتفق عليه، يكون للبائع الحق في اعتبار البيع مفسوخا بقوة القانون دون حاجة إلى إعذار المشترى مع تعويض المشتري الأصلي بتعويض الضرر الذي أصابه من جراء امتناعه عن تسلم المبيع.

الالتزامات الاتفاقية

يعتبر شرط البيع بسعر مفروض وشروط الحجز من أهم الاتفاقيات التي تعمل بين التجار والبيع بسعر مفروض. الهدف من هذا الشرط هو منع المنافسة بين التجار الذين يتاجرون في نفس الفئة، أو ضمان سمعة منتجاتهم في السوق وعدم خفض قيمتها في نظر المستهلكين. قرر القضاء المقارن سريان هذه الاتفاقية بشرط أن تكون السلعة ذات طبيعة خاصة ومتميزة محمية بعلامة تجارية مسجلة، وألا تكون سلعة ضرورية كالأدوية.

وشرط القصر أو الاقتصار هو الشرط الذي بموجبه يتعهد المشتري في العقد بأن يقصر نفسه على بيع البضائع التي يشتريها من منتج معين. ومن ثم الامتناع عن التعامل في سلع مماثلة منتجة من قبل الآخرين، وقرر القضاء التحقق من صحة هذا الشرط عندما كان محصوراً بفترة معينة وكان هدفه تحسين الخدمة المقدمة للمستهلك وعدم الالتفاف على مبدأ التجارة الحرة. أو الحد من المنافسة أو إلحاق الضرر بالآخرين.

الفصل الثاني: القواعد الخاصة ببعض البيوع التجارية

المبحث الأول: أشكال خاصة من البيوع التجارية

بيع البضاعة الحاضرة وبيع السلم

بيع البضاعة الحاضرة هو نوع من البيع تكون فيه البضائع المباعة، منذ إبرام العقد، جاهزة وتوضع تحت تصرف المشتري في مستودعات البائع، أو مستودعات الأطراف الثالثة، أو على متن سفينة قيد التفريغ.

المبدأ في هذا البيع هو أنه يلزم البائع بتسليم البضائع إلى المشتري في أسرع وقت ممكن دون أن يكون لدى المشتري أي خيار للتخلي عن الصفقة، ولكن العرف التجاري في بعض الأسواق قد يجعل هذا البيع معتمدًا على قبول المشتري البضاعة وموافقته عليها في وقت قصير لا يتجاوز ثلاثة أيام، ويعتبر البيع في مثل هذه الحالة كأنه مقترن بشرط واقف، هو اعتماد أو قبول المشترى للبضاعة في المهلة المحددة بالعرف أو بالاتفاق.

وبيع السلم هو من أكثر البيوع التجارية شيوعاً في العمل، وذلك نظراً لما ينطوي عليه من مزايا تكفل استقرار الحياة التجارية، فهو يضمن للمنتج تصريف منتجاته خلال مدة معينة على الأقل كما يؤمن التاجر ضد خطر تقلبات الأسعار.

البيع بشرط المذاق

البيع بشرط المذاق أو الذوق في التشريعات الوضعية هو البيع الذي يشترط فيه المشتري عادة أن البائع لن يبيع ما لم يذوق المبيع ويقبله. ومن أهم الظروف التي اشتق منها هذا الشرط طبيعة البيع وكونه بيعاً لا يفهم جوهره بالكامل إلا بالتذوق كالزيوت والخل. وبعض أنواع الفاكهة.

على أنه قد يتفق المتبايعان على استبعاد شرط المذاق حتى في المأكولات المشار إليها وقد يستخلص هذا الاتفاق ضمنا من الظروف والملابسات، ويتم المذاق في الزمان والمكان اللذين يتفق عليهما المتبايعان: فإن لم يكن هناك اتفاق صريح أو ضمني في هذا الشأن اتبع عرف الجهة، فإن لم يوجد عرف فالمذاق يتم في المكان الذي يكون فيه التسليم، ويسبق التسليم مباشرة.

يجمع فقهاء القانون على أن البيع بالمذاق ليس بيعا معلقا على شرط فاسخ أو شرط وقف، بل إنه ليس بيعا أصلا، فهو لا يعدو أن يكون مجرد وعد بالبيع، وهذا الوعد صادر من المالك، وقد قبل الطرف الآخر الوعد ولكنه لم يقبل بعد البيع ذاته، فإذا ذاق المبيع وارتضاه فقد قبل البيع، وينعقد البيع من هذا الوقت وليس للقبول أثر رجعى.

البيع بشرط التجربة

يكون البيع بشرط التجربة عندما يشترط المشترى على البائع أن يجرب المبيع ليتبين صلاحيته للغرض المقصود منه أو ليستوثق من أن المبيع هو الشيء الذي يريده، ويقع البيع بشرط التجربة عادة في الاشياء التي لا يمكن الاستيثاق منها ومعرفة صلاحيتها إلا بعد تجربتها وغالبا ما يكون شرط التجربة صريحا، إنما يجوز أن يكون ضمنيا يستخلص من ماهية المبيع وظروف التعامل كما لو كان المبيع من الملابس أو من السيارات المستعملة وقد يكون شرط التجربة مقررا بمقتضى العرف بالنسبة لأشياء معينة.

ويجب على البائع أن يمكن المشترى من تجربة المبيع وذلك بأن يسلمه إليه ليقوم بنفسه أو بواسطة خبير بتجربته والاستيثاق من ملاءمته وصلاحيته،

 ويحدد المتبايعان عادة مدة معينة يعلن خلالها المشتري نتيجة التجربة فإذا لم يكن هناك اتفاق على المدة كان للبائع أن يحدد للمشترى مدة معقولة، فإذا انقضت المدة التي حددها الطرفان، أو المدة المعقولة التي حددها البائع اعتبر سكوت المشترى قبولا والبيع تاما.

 ويعتبر البيع بشرط التجربة في القوانين الوضعية بيعا معلقا على شرط واقف هو قبول المشترى للبيع إلا إذا تبين من الاتفاق أو من الظروف أن البيع معلق على شرط فاسخ.

البيع بالنموذج (العينة)

البيع حسب النموذج هو البيع الذي يعتمد فيه الطرفان على تحديد البضائع المباعة على نموذج، أي جزء مأخوذ منه أو مشابه له في خصائصه، ويجب أن تكون البضائع مطابقة للنموذج.

غالبًا ما يكون البائع هو الذي يقدم النموذج إلى المشتري لإجراء المطابقة لاحقًا، لذلك يقوم بتسليمه البضائع ويحتفظ بالنموذج عادةً مع المشتري أو مع شخص ثالث يختاره الطرفان، وفي معظم الحالات أن يكون النموذج مهرًا وموقعًا من الطرفين لتجنب صرفه. يجب أن يكون المباع مطابقًا تمامًا للنموذج.

   للمشتري الحق في رفض المبيع إذا كان لا يتوافق مع النموذج كليًا أو جزئيًا، حتى لو كان ما عرضه البائع أغلى أو بجودة أفضل من النموذج.

ولكن عندما يتوافق المبيع مع النموذج، لا يحق للمشتري رفضه على أساس أنه غير مناسب لحاجته أو لا يفي بالغرض منه.

إذا تبين أن المبيع غير مطابق للنموذج، فلا يلزم المشتري بقبوله، وله أن يطلب فسخ البيع، أو فسخه، وفق أحكام الفقه الإسلامي. مخالفة البيع للوصف المشروط، بالإضافة إلى التعويض عن الضرر الناجم عن عدم وفاء البائع بالتزامه.

كما يحق للمشترى أيضا أن يطلب التنفيذ العيني. أي أن يحصل على بضاعة مطابقة للنموذج على نفقة البائع لأن القول بغير ذلك معناه تعليق البيع على مشيئة البائع، إن شاء تخلص منه بتقديم مبيع مخالف للنموذج، وإن شاء أبقى عليه بتقديم مبيع مطابق له، وهو ما لا يمكن التسليم به، كما يحق للمشترى كذلك قبول البضاعة غير المطابقة للنموذج مع إنقاص الثمن إذا كانت قيمة هذه البضاعة أقل من قيمة البضاعة المباعة المطابقة للنموذج.

البيع بالتقسيط

البيع بالتقسيط هو البيع الذي يتفق فيه على دفع الثمن على أقساط معينة في آجال محددة في العقد. وقد تمكن بذلك التجار من التيسير على متوسطي الدخل وأصحاب الموارد المحدودة في اقتناء هذه السلع وبالتالي من توسيع دائرة عملائهم وزيادة مبيعاتهم.

من أهم الضمانات التي كانت شائعة في المجتمع التجاري هو شرط أن يحتفظ البائع بملكية المبيع بالتقسيط حتى يتم استيفاء الأقساط كاملة. المبيع بأثر رجعي ويعتبر كأنه ملكه منذ وقت البيع. ويعتبر هذا الشرط من الشروط المباحة على الراجح في الفقه الإسلامي.

البيع بالمزاد العلني أو عن طريق التصفية

ويقوم هذا التنظيم على أساس تحديد شروط البيع بالمزاد العلني للمنقولات المستعملة والشروط الواجب توافرها في الأشخاص الذين يجوز لهم ممارسة حرفة البيع بالمزاد العلني فضلا عن وضع القواعد التي تحكم استغلال صالات المزاد العلني.

كما تحظر اللوائح على المحلات التجارية بيع سلعها بالمزاد العلني إلا في حالات محددة، مثل التصفية النهائية للمحل التجاري، أو ترك التجارة في واحد أو أكثر من العناصر التي يتعامل فيها المتجر، أو إغلاق الفرع أو نقل الرئيسي التخزين من مدينة إلى أخرى، أو التصفية الموسمية التي لا يجوز إجراؤها أكثر من مرتين في السنة، بشرط ألا تمتد مدتها لأكثر من أسبوعين.

ويقصد ببيع من يزيد عرض البائع لسلعته في السوق ليأخذها من يرغب فيها عن طريق المزايدة، وهو بيع جائز حيث إن المزايدة هنا تكون قبل أن يتم البيع فيتنافس المشترون على شراء السلعة، ويقع البيع عادة لمن يعرض الثمن الأعلى.

 أما بيع المستلم فله نوعان: إما أن يزايد المشتري على المشتري بعد إتمام البيع بسعر معلوم، أو يتنافس مع البائع بعد إتمام البيع، ويعرض المنافس على المشتري. سلعة أفضل بنفس السعر أو سلعة مماثلة بسعر أقل، وهي عملية بيع مكروهة.

أما بيع النجش فصورته أن يتواطأ صاحب السلعة في بيع من يـزيد مع مزايد صوري يدفعه للمزايدة في السلعة حتى يعلى ثمنها ولا يقصد المزايد الصوري شراء السلعة وإنما أراد دفع ثمنها خدمة لصاحبها

ويفرق الفقه الاسلامي في النجش بين حالتين: إن كان الناجش قد تواطأ مع صاحب السلعة لرفع ثمنها عن قيمتها الحقيقية تضليلا للمزايدين، فهذا بيع مكروه حكمه حكم بيع المستام، أما إن كانت السلعة لم تصل في المزاد إلى مثل ثمنها فنجشها رجل حتى يبلغ ثمنها، فهذا ليس بمكروه وإن كان الناجش لا يريد شراءها.

المبحث الثاني: البيوع البحرية

تعريفها وأنواعها:

البيوع البحرية هي البيوع التي يتطلب تنفيذها نقل البضائع المباعة عن طريق البحر، وتمثل البضائع المنقولة في هذه الحالة مستندًا خاصًا يُعرف باسم بوليصة الشحن. عادة ما يتم إرفاق هذا المستند بفاتورة البضائع ووثيقة التأمين، ويتم تسليم هذه المستندات إلى المشتري. لذلك، عادة ما يسمى البيع البحري بالبيع المستندي.

وتنقسم البيوع البحرية إلى طائفتين كبيرتين هما بيوع الوصول وبيوع القيام وذلك على أساس وقت انتقال ملكية البضاعة إلى المشترى.

أولا: بيوع الوصول

في هذه الطائفة من البيوع لا تنتقل ملكية البضاعة إلى المشترى إلا عند وصول السفينة التي تحملها إلى الميناء، أي وقت تفريغ البضاعة ومن ثم يتم النقل على مسئولية البائع ويتحمل وحده خطر هلاكها أثناء النقل.

ويعتبر بيع الوصول على سفينة معينة. أقدم أنواع بيوع الوصول، وفي هذا البيع يلتزم البائع بشحن البضاعة وإيصالها إلى المشتري على سفينة معينة بالذات، ويتم تعيين السفينة الناقلة في عقد البيع ذاته أو في اتفاق، ويعتبر هذا التعيين ملزما لا رجوع فيه.

ولكنه لا يغير من طبيعة بيع الوصول فالملكية أثناء الطريق تظل للبائع ولا تنتقل إلى المشترى إلا عند الوصول، ومن ثم فإنه إذا هلكت البضاعة أثناء النقل سقط التزام المشترى بدفع الثمن، غير أن البائع لا يلزم بالتعويض متى ثبت أن الهلاك كان لسبب أجنبي لا يد له فيه، كما لا يجوز للمشترى في هذه الحالة مطالبة البائع بتسليم بضاعة أخرى من نفس النوع.

يبقى البائع مالك البضاعة أثناء النقل ويتحمل عواقب تدميرها. إذا كانت البضاعة من نفس الشيء، فإنها تعتبر غير محددة على وجه الخصوص، على عكس حالة البيع على سفينة معينة، ومن ثم يكون البائع ملزمًا، في حالة إتلافها، بتسليم سلع بديلة أخرى مقابل من نفس النوع والفئة ويحق للمشتري أن يطلبها منه. إذا كانت البضاعة شيئًا محددًا، فإن الخسارة أثناء النقل سيكون لها نفس تأثيرات البيع على سفينة معينة.

ثانيا بيوع القيام

بيوع القيام هي البيوع التي يتم فيها نقل ملكية البضاعة من البائع إلى المشتري منذ شحن البضاعة في ميناء المغادرة، بحيث يتحمل الأخير مخاطر الفناء أثناء عملية النقل.

تنتقل ملكية البضاعة في هذا البيع إلى المشتري من وقت الشحن، ولكن البائع هو الذي يلتزم بإبرام عقد النقل والتأمين على البضائع، ومن ثم هو من يختار السفينة. التي يتم النقل عليها.

وتظهر فائدة البيع بالنسبة للمشترى في تملكه للبضاعة من وقت الشحن بحيث يستطيع التصرف فيها بالبيع أو الرهن قبل وصولها فضلا عن إعفائه من عملية الشحن والتأمين.

أما بالنسبة للبائع، فتظهر فائدة البيع في تمكينه من الحصول على السعر فورًا، من تاريخ الشحن، وذلك بسحب سند إذني على المشتري وخصمه في أحد البنوك. ما لم يقبل الكمبيالة أو يدفع قيمتها في حالة استحقاقها، وبالتالي لا يتردد البنك عادة في الوفاء بقيمة الفاتورة. ومع ذلك، يؤخذ في هذا النوع من البيع أنه ينقل ملكية البضاعة إلى المشتري دون فحص، ويجوز للمشتري أن يرفض استلام البضاعة عند الوصول في حالة انخفاض الأسعار بحجة عدم الامتثال لها. الشروط، ولكن يُلاحظ أن البائع غالبًا ما يتخذ الاحتياطات، لذلك عند الشحن يلجأ إلى الحصول على شهادة تصف البضاعة من خبراء متخصصين لدعمه عند النزاع.

أما البيع فهو بيع عادى حيث يتم فيه تسليم البضاعة وتنتقل ملكيتها من البائع إلى المشترى منذ الوقت الذي توضع فيه على ظهر السفينة، وفيها البائع يبرأ من التزاماته وتنتهي مسئوليته تجاه المشترى بمجرد وضع البضاعة على ظهر السفينة.

وواضح أن البائع في البيع فوب لا يتحمل أجرة النقل، إلا أنه يلتزم على ذلك بمصاريف الشحن، ولهذا فقد يأخذ هذا البيع صورة أخرى أكثر وقوعا في العمل اليوم هي صورة البيع فاس F.A.، وفيها يتم تسليم البضاعة على الرصيف بجوار السفينة وقبل الشحن ولكن البائع لا يلتزم فيه بمصاريف الشحن.

المبحث الثالث: البيوع الدولية

الاتفاقيات الدولية:

رافق نمو العلاقات الدولية في العصر الحديث الاهتمام بتوحيد القواعد القانونية التي تحكم التجارة الدولية، على أساس أن هذا التوحيد هو تمهيد ضروري لاستقرار المعاملات التجارية ونشر الثقة والطمأنينة فيها.

اتفاقية فيينا، كما هو الحال في اتفاقية لاهاي، لا تفرق بين المبيعات التجارية والمبيعات المدنية، وتحكم بيع البضائع بغض النظر عن طبيعة هذه المبيعات أو قدرة أطرافها. ومن ثم، فإنه ينطبق على عقود بيع البضائع التي يتم إبرامها بين الأطراف التي تقع منشآتها في بلدان مختلفة عندما تكون هذه البلدان من الدول الموقعة أو عندما تتطلب قواعد الإسناد في القانون الدولي الخاص تطبيق قانون الموقع. الدولة (المادة 1) ومع ذلك، لا تنطبق الاتفاقية على بيع البضائع المشتراة للاستخدام الشخصي أو العائلي أو المنزلي، ولا البيع بالمزاد العلني، ولا على المبيعات التي تتم عن طريق الحجز أو بأمر من القضاء، ولا على بيع القيم المنقولة، أوراق تجارية أو نقود - ولا بيع سفن أو قوارب أو طائرات أو بيع الكهرباء (المادة 2).

تعترف الاتفاقية أيضًا بحق أطراف العقد في استبعاد تطبيقه، كما تعترف لهم، ضمن حدود معينة، بالحق في انتهاك أي من أحكامه أو تعديل آثاره (المادة 6).

أحكام اتفاقية فينا بشأن البيع الدولي

تكوين العقد

لم تُخضِع اتفاقية فيينا إبرام عقد البيع لأي شرط رسمي، حيث سمحت بإثبات العقد بجميع وسائل الإثبات، بما في ذلك شهادة الشهود (المادة 11). له ويمكن للعارض الرجوع في عرضه طالما أن العرض لم يصل إلى علم المرسل إليه (المادتان (14-15)، ومن ثم يمكن القول إن الاتفاق قد تبنى في هذا الصدد بنظرية الاستقبال ويضيف الاتفاق أنه يمكن التراجع عن العرض بشرط أن يصل إلى التراجع إلى الشخص الذي يوجه إليه هذا العرض قبل أن يرسل الأخير قبوله (المادة 16)، ولكن يكون العرض ملزمًا عندما يكون لمخصص معين. فترة ويذكر فيها أنه لا رجوع فيه، أو أنه من المناسب للمرسل إليه أن يعتبر الإنجاب لا رجوع فيه وقد تصرف على هذا الأساس.

وفى عدم تحديد مدة للقبول يجب أن يصل هذا الأخير خلال المدة التي تعتبر معقولة تبعا لظروف التعامل وسرعة وسائل الاتصال المستعملة من قبل الموجب، وينتج القبول أثره كقاعدة عامة كالإيجاب منذ اللحظة التي يصل فيها إلى علم الموجب ومع ذلك يجوز تبعا لطبيعة الإيجاب أو العرف أو العادات السائدة بين الأطراف أن يكمن القبول في القيام بتصرف معين كإرسال البضاعة أو دفع الثمن مثلا.

 وفي هذه ينتج القبول أثره بمجرد القيام بهذا التصرف بشرط أن يتم القيام به خلال المدة المحددة أو المعقولة ويجب أن يكون القبول مطابقا للإيجاب، ومن ثم لا تعتبر الإجابة المتضمنة إضافات أو قيود أو تعديلات بمثابة قبول وإنما رفض للعرض وإيجاب مضاد، أي إيجاب جديد، ولكن إذا اقتصر الأمر على مجرد كون الإجابة تتضمن بعض العناصر الإضافية أو المختلفة والتي لا تغير جوهريا من فحوى الإيجاب فإنها تعتبر قبولا وذلك ما لم يحتج الموجب دون إبطاء.

نقل الملكية وتبعة الهلاك

حرصت اتفاقية فيينا على التأكيد على أنها لا تحكم كقاعدة عامة الآثار التي قد تترتب على العقد على ملكية البضائع المباعة، بسبب اختلاف النظم القانونية المتعلقة بهذه المسألة، ولكن هذا لا يعني أن لقد تجاهلت الاتفاقية مشكلة الملكية التي هي جوهر البيع، حيث تعاملت معها بدقة وبالقدر الضروري دون الحاجة إلى التحيز لمفهوم أو آخر للبيع.

هكذا فقد نصت المادة ٣٠ صراحة على التزام البائع بنقل الملكية ولكنها تجنبت في نفس الوقت أن تحدد وقت أو كيفية هذا الانتقال ومن ثم فإن مسألة انتقال تبعة الهلاك والمرتبطة في بعض الأنظمة القانونية بانتقال الملكية قد عولجت في الاتفاقية على اعتبار أنها مسألة مستقلة.

ربطت الاتفاقية نقل مخاطر الهلاك بالتسليم، وبالتالي، عندما يتضمن عقد البيع نقل البضائع دون تحديد مكان التسليم، يتم نقل مخاطر الهلاك إلى المشتري بدءًا من لحظة تسليم البضائع إلى الناقل الأول الذي ينقلها إلى المشتري وفقًا لعقد البيع، ولكن عندما يتضمن العقد تحديد مكان لتسليم البضائع إلى شركة النقل، فلا يتم نقل مخاطر الخسارة إلى المشتري ما لم يتم تسليم البضائع إلى الناقل في المكان المخصص.

وتنتقل تبعة هلاك البضاعة المباعة أثناء عملية النقل إلى المشترى بمجرد إبرام العقد، وذلك ما لم تقتض الظروف انتقال تبعة الهلاك إلى المشترى منذ وقت تسليم البضاعة إلى الناقل الذي أصدر المستندات المثبتة لعقد النقل، وفيما عدا ذلك لا تنتقل تبعة الهلاك إلى المشترى إلا عندما يقوم بتسليم البضاعة فإذا تأخر في الاستلام مخالفا بذلك العقد انتقلت إليه التبعة ابتداء من وقت وضع البضاعة تحت تصرفه.

التزامات البائع

بالإضافة إلى الالتزام بنقل الملكية، يلتزم البائع بتسليم البضائع المباعة وكذلك تسليم المستندات ذات الصلة عند الضرورة. وقد أوضحت الاتفاقية في كثير من التفاصيل شروط التسليم والمطابقة والجزاءات المترتبة على ذلك..

ففيما يتعلق بمكان التسليم يلتزم البائع كقاعدة عامة بتسليم البضاعة في المكان الذي توجد فيه منشأته وقت إبرام العقد، وفى حالة ما إذا تضمن عقد البيع نقل البضاعة فيتم ذلك بتسليم البضاعة لأول ناقل يقوم ينقل البضاعة إلى المشترى، أما إذا كانت البضاعة المبيعة شيئا معينا بالذات أو شيئا معينا بالنوع يتعين إفرازه أو صناعته أو إنتاجه، وكان الأطراف يعلمون وقت العقد أن البضاعة موجودة أو يجب أن تصنع أو تنتج في مكان معين، فيكون التسليم بوضع البضاعة تحت تصرف المشترى في هذا المكان.

فيما يتعلق بتوقيت التسليم، بشكل عام، يجب أن يتم التسليم في غضون فترة زمنية معقولة من إبرام العقد؛ ومع ذلك، إذا كان العقد يحدد تاريخًا محددًا للتسليم أو يجعل من الممكن تحديد هذا التاريخ بناءً على العقد، فيجب أن يتم التسليم في هذا التاريخ. وبدلاً من ذلك، قد يكفي العقد لتحديد الفترة الزمنية التي يجب أن يتم خلالها التسليم؛ في هذه الحالة، يجب أن يتم التسليم في أي وقت خلال هذه الفترة، ما لم يُنص على خلاف ذلك على وجه التحديد.

وفقًا للمادة 35 من العقد، من أجل الامتثال، يجب على البائع توفير عناصر مطابقة لتلك الموصوفة في العقد من حيث الجودة والكمية والتنوع وحتى التغليف أو الشكل. تم إدراج الشروط اللازمة في الفقرة الثانية من هذه المقالة، وأهمها أنه يجب أن تتطابق مع مواصفات النموذج أو النموذج الذي تم توفيره للعميل.

نظام الجزاءات

يستند نظام العقوبة في اتفاقية فيينا، كما كانت اتفاقية لاهاي، إلى فكرة التمييز بين انتهاكات العقود المهمة وغير الضرورية، وتعتبر المخالفة التي يرتكبها أحد الأطراف جوهرية حينما يسبب للطرف الآخر ضررا يحرمه بصفة جوهرية مما كان يحق له أن ينتظره من العقد.

غير أن المخالفة غير الجوهرية كالتراخي في تسليم المبيع عن التاريخ المعين لوقت لا يجرد عقد من قيمته بالنسبة للمشترى، وقد تتحول إلى:

مخالفة جوهرية وذلك عندما يقوم المشترى بمنح البائع مدة إضافية معقولة لتنفيذ التزامه وتنقضي هذه المدة دون تنفيذ مادة (٤٧). ويترتب على ارتكاب البائع مخالفة جوهرية وإخلاله بالتزامه ثبوت الحق للمشترى في المطالبة بالتنفيذ العيني متى كان ذلك ممكنا أو اعتبار العقد مفسوخا دون حاجة إلى اللجوء إلى القضاء، بالإضافة إلى حقه في التعويض عما يكون قد لحقه من ضرر.

 

التزامات المشترى

تُلزم الاتفاقية العميل بدفع الثمن وقبول تسليم البضائع.

السعر المنصوص عليه في العقد هو ما يجب على المشتري دفعه. يعتبر أن الأطراف قد اتفقت ضمنيًا على اعتماد الأسعار الجارية في السوق في وقت توقيع العقد إذا لم يكن السعر موضحًا بشكل واضح أو ضمني في العقد.

وإذا لم يحدد مكان معين لدفع الثمن وجب على المشترى أن يدفع الثمن إلى البائع في المكان الذي توجد فيه منشأة هذا الأخير أو في مكان استلام البضاعة أو الوثائق الممثلة لها وذلك في حالة ما إذا كان دفع الثمن مرتبطا بتسليم البضاعة.

 ويجب على المشترى أن يدفع الثمن في التاريخ المحدد في العقد أو الذي يمكن تحديده بالاستناد إلى العقد ونصوص الاتفاقية دون حاجة إلى إعذاره، ويشمل التزام المشترى بتسلم البضاعة قيامه بكل الإجراءات المنتظرة منه عقلا لتمكين البائع من تنفيذ التزامه بالتسليم

وإذا لم ينفذ المشتري التزاماته المنصوص عليها في عقد البيع أو الاتفاق، يحق للبائع أن يطلب منه تنفيذ التزاماته، كما يحق له في حالة ارتكاب المشتري مخالفة جوهرية، اعتبار العقد فسخاً، بالإضافة إلى حقه في المطالبة بالتعويض

وتقيم اتفاقية فينا كاتفاقية لاهاي علاقة وثيقة بين التزامات كل من البائع والمشترى. وتطبيقا لذلك تنص الاتفاقية صراحة على أنه من حق البائع أن يجعل من دفع الثمن شرطا لتسليم البضاعة أو المستندات الممثلة لها، وإذا تضمن عقد البيع نقل البضاعة يكون للبائع حق تأجيل إرسال البضاعة حتى استلام الثمن أو إرسالها تحت شرط عدم تسليمها للمشترى أو تسليم المستندات الممثلة لها إلا بعد دفع الثمن

اتفاقية فيينا، مثل اتفاقية لاهاي، تنشئ علاقة وثيقة بين التزامات كل من البائع والمشتري. تطبيقاً لذلك، تنص الاتفاقية صراحةً على أن البائع له الحق في جعل دفع الثمن شرطًا لتسليم البضائع أو المستندات التي تمثلها، وإذا تضمن عقد البيع نقل البضائع، فإن البائع لديه الحق في تأجيل إرسال البضاعة لحين استلام الثمن أو إرسالها بشرط عدم تسليمها للمشتري أو تسليم المستندات التي تمثلها الا بعد دفع الثمن، وبصفة عامة تنص الاتفاقية على حق كل طرف في تأجيل تنفيذ التزاماته عندما يتبين له بعد إبرام العقد أن الطرف الآخر لن ينفذ جزءا جوهريا من التزاماته.

 

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال