بحث عن إدمان الانترنت وعلاقته بالصحة النفسية

 

الفصل الأول: خطة الدراسة

المقدمة:ـ

تعد الثورة المعلوماتية من التجليات الاتصالية والثقافية للعولمة إذ أن للعولمة تجليات متعددة اقتصادية وسياسية وثقافية. ويشهد العالم ثورة معرفية وتكنولوجية هائلة تبعها العديد من الآثار الإيجابية والسلبية، وكان من نتائجها انتشار الإنترنت، وما يتضمنه من ثروات معرفية وعلمية وترفيهية ورياضية هائلة حتى أنه أضحى يستقطب الكثير من الناس ومن مختلف الأعمار والمستويات العلمية والثقافية والاجتماعية، وخاصة المعلمات في محافظة قلوة،  لأنهم أحدى السبيل لإشباع الكثير من الدوافع والرغبات والحاجات الكامنة في أعماقهن.

          لاشك أن التقدم التكنولوجي الهائل في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الذي يميز العصر الحالي؛ يجعلنا نطلق على هذا العصر مسمى العصر الرقمي، مما يشير إلى اتساع نطاق استخدام الانترنت واعتباره السمة المميزة لهذا العصر؛ فالانترنت يستخدمه الأطفال والراشدين والمتقدمين في السن؛ أي كافة فئات المجتمع العمرية، وأيضاً كافة طبقات المجتمع الراقية ومحدودة الدخل، فأصبح الانترنت يغزو كافة مجالات الحياة الاجتماعية كوسيلة للاتصال وتبادل الأفكار والمعلومات، وأيضاً المجالات الاقتصادية والسياسية غيرها؛ الأمر الذي يترتب عليه أن أي مجتمع يعجز عن المشاركة في هذا التقدم التكنولوجي الرقمي الهائل؛ لاشك أنه يتخلف عن بقية الأمم المتقدمة وعن ملاحقة التطورات السريعة العميقة. (أرنوط، 2007م: 33).

          ونظراً لأن الانترنت قد تغلغل في كافة مجالات الحياة، وأصبح يوجد في جميع المؤسسات التعليمية والاقتصادية والتجارية وغيرها، بل أصبح ضرورة من ضروريات الحياة، فقد بات الدخول على شبكة الانترنت من السهولة بمكان، فسواء كان الإنسان يملك جهاز كمبيوتر أو لا يملكه؛ يمكنه استخدام شبكة الانترنت وذلك بذهابه إلى مقاهي الانترنت بما تقدمه من مواقف وخدمات متعددة.

          وقد رأى أروين (Erwin, 2000) أن الانترنت يساهم في الحفاظ على السلوك ألتجنبي لدى هؤلاء الأفراد الذين يعانون من قلق اجتماعي ويكون الانترنت أو الشات هو وسيلة هامة لمساعدتهم في السيطرة على مظاهر القلق الاجتماعي، لأن استخدام البريد الإلكتروني وغرف الشات ربما توفر بيئة آمنة لمن ليس لديهم القدرة على التواصل المباشر وجهاً لوجه مع المحيطين بهم.

          وعلى ذلك فإن الانترنت يعد وسيلة فاعلة في تنمية مهارات التواصل وتوسيع المدركات المعرفية والعلمية والاجتماعية، إلا أن المشكلة تكمن في عملية إدمان الانترنت والذي لا يقل خطورة عن إدمان المخدرات خاصة، لأنه يؤدي إلى العديد من المشكلات الأكاديمية والنفسية والاجتماعية، وهذا ما كشفت عنه الدراسات العلمية، فقد أكدت دراسة بي وآخرون (Bei, at al 2001) أن 72% من المفرطين في استخدام الانترنت يعانون من مشكلات صحية وأسرية ونفسية وشخصية، وهذا ما لمسته الباحثة من خلال خبراتها، وتعامله المباشر مع الطلاب، ومن ثم فإنه من الأهمية بمكان إجراء دراسة إدمان الانترنت وعلاقته بالصحة النفسية لدى معلمات محافظة قلوة في المجتمع السعودي. (الشرقاوي، 2007م: 178).

          وقد برزت قضية إدمان الانترنت كقضية صحية ونفسية واجتماعية كبيرة مع تزايد شعبية الانترنت، فقد أشار علماء النفس أن هناك شخص من بين 200 شخصاً من مستخدمي الإنترنت تظهر عليه أعراض الإدمان، بل أن هناك أشخاص يقضون 38 ساعة أو أكثر على الإنترنت دون عمل يدعو لذلك؛ فمن الممكن أن يضحي البعض بالعمل وبالمدرسة وبالعلاقات الأسرية وبالمال، بل ومن الممكن أن تدمر حياة الشخص من خلال سيبر الإنترنت والوقوع في دائرة إدمان الإنترنت، ويعتبر معلمات محافظة قلوة الأكثر تعرضاً لإدمان الإنترنت وما يثيره ذلك الإدمان من مشكلات قد يؤثر على صححتهن النفسية والاجتماعية (Huang et al. 2007).

مشكلة الدراسة:

          بعد مفهوم إدمان الإنترنت من المفاهيم النفسية الجديدة نسبياً ومازال البح في هذا المفهوم محدوداً، تؤكد الكثير من الدراسات والبحوث مثل دراسة (جانج وآخرين Al Jang, et. At. 2008)) ودراسة جيفري (Jeffery: 2008)، ودراسة أبو جدي (2007م)، ودراسة زيدان (2008م)، ودراسة موهيو (Muhu, 2007) إن إدمان الإنترنت لا يقل خطورة عن إدمان المخدرات، بل يتجاوزها بكثير باعتباره السبيل الأكبر لتعويض ما يعاني منه المدمن من مشكلات صحية واضطرابات نفسية، وإن هذه المشكلات تزداد حدة وضراوة بتقدم الإنسان في العمر وزيادة عدد الساعات التي يقضيها الرد المدمن أمام الشات. ولذا فإن الانترنت يمثل مشكلة كبيرة بالنسبة للشخص المدمن، ويصاحبه العديد من اضطرابات الصحة النفسية والسلوكية وبناء عليه يمكن تحديد مشكلة الدراسة الحالية في التساؤل التالية:

إدمان الإنترنت وعلاقته بالصحة النفسية لدى معلمات محافظة قلوة.

ويتفرع من التساؤل الرئيسي عدة تساؤلات كالتالي:

1.     هل توجد علاقة دالة إحصائياً بين إدمان المعلمات بمحافظة قلوة للإنترنت والإصابة بالقلق الاجتماعي؟

2.     هل توجد علاقة ارتباطية دالة إحصائياً بين إدمان المعلمات بمحافظة قلوة للإنترنت والإصابة بالاكتئاب؟

3.     هل توجد علاقة ارتباطية بين إدمان المعلمات بمحافظة قلوة للإنترنت وشعرهم بالوحدة النفسية؟

4.     هل توجد فروق دالة إحصائياً بين عينة الدراسة من المعلمات بمحافظة قلوة في إدمان الإنترنت؟

أهداف الدراسة:

تهدف الدراسة الحالية إلى ما يلي:

1.     الكشف عن طبيعة العلاقة بين إدمان الإنترنت وعلاقته بالصحة النفسية (القلق الاجتماعي، الاكتئاب، الوحدة النفسية).

2.     التنبؤ بإمكانية حدوث إدمان الإنترنت في ضوء حدوث بعض متغيرات الصحة النفسية المتضمنة في الدراسة الحالية والمتمثلة في (القلق الاجتماعي والشعور بالوحدة النفسية والاكتئاب).

3.     إعداد مقياس للتعرف على إدمان الانترنت لدى المعلمات بمحافظة قلوة في البيئة السعودية.

4.     إعداد مقياس الصحية النفسية والشعور بالوحدة النفسية في البيئة السعودية.

5.     التقدم ببعض التوصيات والمقترحات لاتخاذ التدابير الاحترازية والوقاية والتوعوية التي تساعد المعلمات على الحد من إدمان الانترنت.

أهمية الدراسة:

تتحدد أهمية الدراسة الحالية في الجانبي الآتيين:

الأهمية النظرية:

-        تبرز أهمية الدراسة الحالي من خلال متغيرات الدراسة وما تمثله ظاهرة إدمان الانترنت من مخاطر تهدد كل الفئات العمرية في مجتمعنا السعودي، وخاصة المعلمات بمحافظة قلوة وقد تقود إلى آثار سلبية ونتائج لا يحمد عقباها.

-        تعد الدراسة لبنة في الصرح النفسي والاجتماعي، ومحاولة تضاف إلى التراث النفسي النظري.

-        إمداد المكتبة النفسية بمقياسين جديدين الأول لقياس إدمان المعلمات للإنترنت، والآخر لقياس الصحة النفسية بأبعاده.

الأهمية التطبيقية:

-        التقدم ببعض التوصيات والمقترحات لاتخاذ التدابير الاحترازية التي يمكن من خلالها الحد من انتشار ظاهرة إدمان الانترنت خاصة بين المعلمات في محافظة قلوة.

-        يمكن الاستفادة من نتائج هذه الدراسة في تخطيط وعمل البرامج الوقائية والعلاجية والإرشادية لمواجهة ظاهرة إدمان الانترنت للتغلب على الآثار المترتبة عليها.

 

 

فروض الدراسة:

1.       توجد علاقة دالة إحصائياً بين إدمان المعلمات بمحافظة قلوة للإنترنت والإصابة بالقلق الاجتماعي.

2.       توجد علاقة ارتباطية دالة إحصائياً بين إدمان المعلمات بمحافظة قلوة للإنترنت والإصابة بالاكتئاب.

3.       توجد علاقة ارتباطية بين إدمان المعلمات بمحافظة قلوة للإنترنت وشعرهم بالوحدة النفسية.

منهج الدراسة:

          تهدف الدراسة الحالية إلى الكشف عن إدمان الإنترنت وعلاقته بالصحة النفسية لدى معلمات محافظة قلوة، ولذلك تم الاعتماد في الدراسة الحالية على المنهج الوصفي لتفسير هذه العلاقة، لأنه يتعلق بطبيعة الظاهرة، والذي يعتمد على دراسة الواقع أو الظاهرة كما توجد بالواقع ويهتم بوصفها وصفاً دقيقاً.( عليان، 2004م).

عينة الدراسة:

          يتكون عينة ومجتمع الدراسة من المعلمات بالمدارس الحكومية بمحافظة قلوة لعام 1440-1441هـ، المملكة العربية السعودية. وقد تم توزيع الاستبانة على (44) معلمة من المدارس الحكومية بمحافظة قلوة.

أدوات الدراسة:

أولاً: مقياس إدمان الانترنت – د. محمد النوبي محمد علي

          فقد قام الباحث الحالي بإعداد أداة لتشخيص إدمان الانترنت لدى طلاب الجامعة.

ثانياً: مقياس الصحة النفسية – د. أحمد محمد عبد الخالق

          طور المقياس العربي للصحة النفسية، بوصفه أداة للبحوث وللفرز Screening العام، تناسب الراشدين والمراهقين، ومر تأليف هذا المقياس بعدد من المراحل

المعالجة الإحصائية:

تستخدم الدراسة الحالية الأساليب الإحصائية التالية:

-        المتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارية للإحصائيات الوصفية للوقوف على أبعاد إدمان الإنترنت، وأبعاد الصحة النفسية والاجتماعية لدى معلمات محافظة قلوة.

-        معاملات ارتباط بيرسون لتحديد العلاقات الارتباطية بين أبعاد إدمان الإنترنت وأبعاد الصحة النفسية لدى معلمات محافظة قلوة.

-        اختبار (ت) للفرق بين متوسطي عينتين مستقلتين لترعف الفروق الدالة بين متوسطات درجات معلمات محافظة قلوة في أبعاد إدمان الإنترنت.

-        اختبار (ت) للفرق بين متوسطي عينتين مستقلتين لتعرف الفروق الدالة بين متوسطات درجات معلمات مدمني الإنترنت وغير مدمني الإنترنت في أبعاد الصحة النفسية.

مصطلحات الدراسة:

إدمان الإنترنت:

يعرف وارد (Ward, 2000) إدمان الإنترنت بأنه: سلوك مرتبط باستخدام الإنترنت مثل الإفراط في الوقت المنقضي على الإنترنت، أو استبدال العلاقات الحقيقية الواقعية إلى علاقات سطحية افتراضية، والتي غالباً ما تخبر بأنها شخصية، وهي حس افتقاد الوقت، وتشكيل أنماط متكررة تزيد من مخاطر المشكلات الصحة النفسية والاجتماعية والشخصية. ويقصد بإدمان الإنترنت أنه السلوك الاعتمادي على الأنترنت يدفعه إلى المداومة على ممارسة التعامل مع شبك الأنترنت لفترات طويلة يقضيها مع مواقع ذات جاذبية خاصة للفرد مما يشكل له الإضرار به وبعلاقاته الصحية والاجتماعية (منصور، 2011م: 1036).

ومنذ ذلك الحين ظهرت مصطلحات عديدة تؤكد وجود ذلك الإدمان منها: إدمان الانترنت والاستخدام المرضي للأنترنت، والاستخدام القهري للأنترنت، واعتمادية الأنترنت، وهوس الانترنت. (العصيمي، 2010م: 20).

 يعرف الإدمان على الإنترنت إجرائياً في هذه الدراسة بأنه استخدام المعلمات للأنترنت بشكل مفرط لمدة 30 ساعة أسبوعياً حسب دراسة يونغ Young بغض النظر عن أيام عطل نهاية الأسبوع أو العطل المدرسية لتشكل لديهن مجموعة من الأعراض الدالة على الإدمان كالأعراض الانسحابية والتحمل والرغبة الملحة وعدم السيطرة أو التحكم كما أنه الدرجة الكلية التي يحصلن عليهن المعلمات والمحددة لنسبة الإدمان على الإنترنت في المقياس المستخدم حالياً.

ويعرف إدمان الإنترنت إجرائياً: بأنها الدرجة التي يحصلن عليهن معلمات المدارس الحكومية بمحافظة قلوة على مقياس إدمان الإنترنت.

الصحة النفسية:

بين الباحث تعريف حامد زهران للصحة النفسية بأنها: حالة دائمة نسبياً، يكون فيها الفرد متوافقاً نفسياً(شخصيا وانفعاليا واجتماعيا أي مع نفسه ومع بيئته)، ويشعر بالسعادة مع نفسه ومع الآخرين، ويكون قادراً على تحقيق ذاته واستغلال قدراته وإمكاناته إلى أقصى حد ممكن، ويكون قادرا على مواجهة مطالب الحياة وتكون شخصيته متكاملة سوية، ويكون سلوكه عادياً، ويكون حسن الخلق بحيث يعيش في سلامة وسلام. (إسماعيل، 2006م، ص88)

ويدخل ضمن مفهوم الصحة النفسية ما يعرف بالضغوط النفسية، فالضغط النفسي حدث ناتج عن ضاغط يظهر في مظاهر سلوكية وله صلة بمشاعر الحزن وعدم السرور، ويعكس إدراك المشكلات الموجودة في البيئة المحيطة، كما يشير إلى المشكلات التي تتعامل مع متطلبات ترهق النظام النفسي للفرد. وكذلك تتمثل في محورين: الأول هو إما أن تكون بدنية مثل التعرض للحرارة أو البرودة الشديدة، أو نفسية مثل الخلافات الزوجية أو الانتقال إلى عمل جديد، والثاني هو تداخل وتفاعل الضغوط النفسية والبدنية معاً مثل إصابة الفرد أثناء العمل. (علي، 2007م، ص104).

حدود الدراسة:

الحدود الموضوعية: تقتصر الدراسة على تقصي العلاقة بين إدمان الانترنت والصحة النفسية لدى معلمات محافظة قلوة.

الحدود البشرية: معلمات محافظة قلوة.

الحدود المكانية: المدارس الحكومية بمحافظة قلوة.

الحدود الزمانية: الفصل الدراسي الأول لعام 1440-1441هـ.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الفصل الثاني: الإطار النظري والدراسات السابقة

إدمان الإنترنت:

          أول من أشار إلى إدمان الإنترنت هو الطبيب النفسي الأمريكي إيفان وللدبري (GoldbIvan) عام 1995م ، حينا نشر نكتة في صفات الإنترنت بعنوان " أعراض إدمان الإنترنت" أثر تسلمه رساله من أحدى مستخدمي الانترنت يشرح فيها كيف تعطلت وظائف حياته نتيجة لاستخدامه المفرط للإنترنت. تحت مسمى "اضطراب إدمان الإنترنت" وهو الاسم الأكثر شيوعاً واستخداماً بين الباحثين (زيدان، 2008م: 34).

          ويعرف إدمان الإنترنت بأنه " حالة من الاستخدام المرضي أو اللا توافقي لشبكة المعلومات تؤدي إلى اضطرابات إكلينيكية تتمثل في مظاهرها في الأعراض الانسحابية، وهي مجموعة من الأعراض الجسمية والنفسية والاجتماعية، يستدل عليها من بعض المظاهر والأعراض الدالة على ذلك"، وإدمان الإنترنت وآثاره يمكن أن تدمر شتى أوجه حياة الفرد مثل إدمان الكحوليات.

مفهوم الإدمان على الإنترنت:

          بالرغم من عملية النمو التطور وانتشار شبكة الانترنت وفوائدها العديدة فإن هناك أيضاً بعض ردود الفعل السلبية التي يكون لها مردود لهذه العملية، وربما كان أكبر رد فعل سلبي لذلك هو زيادة الحاجة إلى الشبكة الإنترنت أو التواجد الأكبر عليها، الأمر الذي أظهر مصطلح جديد ربما لم يتم التطرق إليه من قبل وهو مصطلح الإدمان.

ومنذ ذلك الحين ظهرت مصطلحات عديدة تؤكد وجود ذلك الإدمان منها: إدمان الأنترنت والاستخدام المرضي للأنترنت، والاستخدام القهري للأنترنت، واعتمادية الأنترنت، وهوس الأنترنت. (العصيمي، 2010م: 20).

          أما حسن عبد السلام الشيخ يرى بأن الإدمان هو متلازمة الاعتماد النسي للمداومة على ممارسة التعامل مع شبكة الأنترنت لفترات طويل والالحاح والهروب والانسحاب من الواقع العقلي إلى واقع الافتراضي، كأن يكون السلوك في هذه الحالة قهرياً عنيداً ومشتتاً بحيث يصعب الإقلاع عنه دون معاونه علاجية للتغلب على الأعراض الإنسحابية.

          ويقصد بإدمان الانترنت أنه السلوك الاعتقادي على الإنترنت يفعه إلى المداومة على ممارسة التعامل مع شبكة الإنترنت لفترات طويلة يقضيها مع مواقع ذات جاذبية خاصة للفرد مما يشكل له الأضرار به وبعلاقاته. (الشيخ، 2011م: 136).

          وترى أمل ناظم حمد بأن الإدمان هو الاعتياد على شيء ما وعدم القدرة على تركه وإدمان الانترنت مثل إدمان أي شيء أخر ونقصد بها الافراط في استخدام هذه الشبكة والاعتماد عليها شبه تام والشعور بالاشتياق الدائم له فيما لو منع عنه بحيث يصبح الشغل الشاغل للطفل أو المراهق هو الجلوس أمامه فيصبح أسيراً أو عبداً لهذه الوسيلة. (حمد، 2011م: 111).

          بعد التطرق إلى أهم التعريفات الشائعة والتي أدرجت في هذا المفهوم فقد استطاعت الباحثة أن تلاحظ أنها اشتركت في عدة خصائص واختلفت عن بعضها في أخرى، كما اتفق في معظمها على أن الإدمان هو الاعتياد والمداومة على شيء دون التخلي عنه بسهولة وبالتالي يصبح يصعب التخلي عليه. أما إدمان الانترنت هو اضطراب قهري ناتج عن استخدام الانترنت بشكل مفرط دون التحكم في الوقت المحدد لاستخدامها، بحيث تؤدي به إلى إضرار وظيفية ونفسية للفرد وتدهور في علاقاته مع ذاته والآخرين.

تعريف الصحة النفسية:ـ

          لاشك أن الدارس لمجال الصحة النفسية يهمه الوقوف على أساسيات هذا العلم، ولعل من أول هذه الأساسيات تحديد مفهوم الصحة النفسية، وتعريف هذا المصطلح تعريفاً محدداً واضح الأركان.

          الصحة النفسية حالة وجدانية معرفية مركبة، دائمة دوماً نسبياً، من الشعور بأن كل شيء على ما يرام، والشعور بالسعادة مع الذات ومع الآخرين، والشعور بالرضا، والطمأنينة، والأمن، وسلام العقل، والإقبال على الحياة، مع شعور بالنشاط، والقوة، والعافية، ويتحقق في هذه الحالة، درجة مرتفعة نسبياً من التوافق النفسي، والتوافق الاجتماعي، مع علاقات اجتماعية راضية مرضية (عبد الخالق، 2015م: 30).

          وتشير الصحة النفسية إلى الأداء الناجح للوظائف النفسية، الذي ينتج عنه مناشط إيجابية، وعلاقات راضية مرضية مع الآخرين، مع القدرة عل التكيف للتغيرات، ومواجهة الصعوبات والأزمات؛ ومن ثم فإن الصحة النفسية لا غنى عنها للهناء الشخصي، والعلاقات الأسرية والاجتماعية الجيدة، والقيام بإسهامات قوية في المجتمع المحلي أو الدولي. والصحة النسية هي نقطة الانطلاق، لكل من : مهارات التفكير، والتواصل، والتعلم ، والنمو الانفعالي، ومواجهة الضغوط، والسمود أمام الصدمات، وتقدير الذات، وموجز القول: أن الأداء الناجح يعتمد على أساس من الصحة النفسية.

          وللصحة النفسية مؤشرات إيجابية وأخرى سلبية، فهي ليست غياب الأعراض والعلامات السلبية، وردود الأفعال المرضية، مثل: القلق، والاكتئاب فقط، ولابد كذلك من وجود العلامات الإيجابية للصحة النفسية، وهي كثيرة، منها: السعادة، والاتزان النفسي، وتقدير الذات، وضبط النفس، والتوجهات الاجتماعية الإيجابية، وحسن المعاشرة، والمشاركة الاجتماعية. ولا يعني المستو المنخفض من الضغوط النفسية تلقائياً، مستوى مرتفعاً من السلامة النفسية، أو السواء الشخصي، والمؤشرات الإيجابية والسلبية للصحة النفسية، بعدان مختلفان ولكنهما مترابطان. وعند التخطيط لحديد معدلات انتشار الصحة النفسية في الدراسات الانتشارية أو الوبائية في الجمهور العام، يتعين أن تستخدم مقاييس لكل من المؤشرات الإيجابية والسلبية للصحة النفسية. (الغامدي، 1430هـ: 33).

          وتتضمن حالة الصحة النفسية، أن تكون لدى الفرد، القدرة على إقامة علاقات مودة مع الآخرين، والمحافظة عليها، والقيام بالأدوار الاجتماعية، التي يؤديها الأفراد عادة في ثقافتهم، ويتعاملون مع التغير، وتصدر عنهم أفعال وأفكار إيجابية، ويسيطرون على الانفعالات السلبية كالحزن. والصحة النفسية تمنح الفرد شعوراً بالجدارة، والتحكم أو الضبط، وفهم الوظائف الداخلية والخارجية. هذا فضلاً عن الشعور بالمشاعر الإيجابية تجاه النفس والآخرين، والشعور بالبهجة، والفرح، والحب، والصحة النفسية – مثلها في ذلك مثل المرض النفسي – تتأثر أيضاً بالعوامل البيولوجية، والاجتماعية، والنفسية، والبيئية. والمعنى المحوري للصحة النفسية، يتضمن : الثقة، والتحدي، والكفاءة، والإنجاز، والدعابة، مع القدرة على تكوين علاقات راضية مرضية، متبادلة مع الآخرين، والمحافظة عليها، وجدانيا، وعقلياً، وروحياً (Bhugra, Till, & Sartorius, 2015)

الدراسات السابقة:

الدراسات العربية:

1ـ دراسة حامدي (2015م) هدفت الدراسة إلى الكشف عن العلاقة بين الإدمان على الانترنت وكل من الاغتراب النفسي والسلوك العدواني على عينة من تلاميذ المرحلة الثانوية بولاية الوادي، استخدمت المنهج الوصفي الارتباطي، وقد اختيرت العينة بطريقة قصدية من التلاميذ المستخدمين للانترنت في الثانوية دارسي موسى بالدبيلة ولاية الوادي، هواري بومدين بحاسي خليفة بولاية الوادي، قدر فيها عدد التلاميذ المدمنين على الانترنت (118) تلميذاً، وقد جاءت نتائج الدراسة أنه توجد علاقة ارتباطية موجبة بين الإدمان على الانترنت وكل من الاغتراب النفسي والسلوك العدواني لدى تلاميذ المرحلة الثانوية، توجد فروق ذات دلالة إحصائية درجات المدمنين والغير المدمنين على مقياس الاغتراب النفسي لصالح المدمنين، ولا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين المدمنين والغير المدمنين في السلوك العدواني.

2ـ دراسة القرني (2011م) هدفت الدراسة إلى التعرف على إدمان الانترنت وعلاقته ببعض الاضطرابات النفسية لدى عينة من طلاب جامعة الملك عبد العزيز بالمملكة العربية السعودية (الاكتئاب، والقلق الاجتماعي، والوحدة النفسية)، وتكونت عينة الدراسة من (290) طالباً من طلاب جامعة الملك عبد العزيز بمختلف كلياتها العلمية والأدبية وتراوحت أعمارهم ما بين (19-24) عاماً بمتوسط عمري قدري 21.93 وانحرا معياري مقدراه 1.78 غالبيتهم من غير المتزوجين، وأسفرت النتائج التطبيق على أن توجد علاقة ارتباطية موجبة دالة إحصائياً بين إدمان الانترنت والاكتئاب، وتوجد علاقة ارتباطية موجبة بين إدمان الانترنت والفاق الاجتماعي، أن من مدمني الانترنت سواء من الكليات العلمية أو الكليات الأدبية لديهم مستويات ثقافية واجتماعية شبه متماثلة في البيئة السعودية، وكذلك في المؤثرات الثقافية الدخيلة عليهم، وهذا قد يفسر عدم وجود اختلاف بين طلاب التخصصين العلمي والأدبي في درجة الإدمان.

3ـ دراسة مفرح العصيمي (2010م) هدفت هذه الدراسة إلى معرفة العلاقة بين الإدمان على الانترنت وعلاقته بالتوافق النفسي الاجتماعي لدى طلاب المرحلة الثانوية بمدينة الرياض استخدام الباحث المنهج الوصفي، وقد توصلت نتائجها إلى أن نسبة الطلاب المدمنين من الأفراد بلغت عينتهم 26%، وجو علاقة ارتباطية سالبة بين الدرجة الكلية لمقياس إدمان الانترنت والدرجة الكلية لمقياس التوافق النفسي الاجتماعي، وجود علاقة ارتباطية سالبة بين الدرجة الكلية لمقياس إدمان الانترنت ودرجات أبعاد التوافق النفسي والأسري والدرسي والاجتماعي، وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطات درجات الطلاب مدمني الانترنت والغير مدمنين للأنترنت من طلاب المرحلة الثانوية ي كل من التوافق النفسي والأسري والمدرسي والاجتماعي لصالح المدمنين.

4ـ ناصر بن صالح لعبيدي (2008م) هدف هذه الدراسة إلى تصميم برنامج إرشادي ملائم لطلبة المرحلة الثانوية المدمنين على الانترنت وذلك بالتطبيق عليهم، ثم التعرف على أثر البرنامج الإرشادي المقترح ف خفض درجة الإدمان على الأنترنت لدى عينة الدراسة يتكون من الطلاب المدمنين على الانترنت من طلاب الثانوية العام (1423-1432هـ) في مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية طبق عليهم مقياس الإدمان على الانترنت وخلصت نتائج الدراسة أن وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين القياسين القبلي والبعدي (الدرجة الكلية لمقياس أفراد المجموعة التجريبية على مقياس الإدمان على الأنترنت بعد تطبيق البرنامج الإرشادي لصالح القياس البعدي، توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين قياسين قبلي وبعدي لأفراد المجموعة الضابطة في مقياس إدمان الانترنت بعد تطبي البرنامج الإرشادي لصالح القياس البعدي، وتوجد فروق ذات دلالة إحصائية بين المجموعين التجريبية والضابطة في أكثر أعراض الإدمان على مقياس إدمان الأنترنت (البعدي) بعد الانتهاء من تطبيق البرنامج الإرشادي لصالح التجريبية.

5ـ دراسة أرنوط (2007م) هدفت هذه الدراسة إلى تفحص العلاقة بين إدمان الانترنت وأبعاد الشخصية والاضطرابات النفسية لدى المراهقين، وهل تشكل هذه المتغيرات الثلاثة نموذجاً سببياً يفسر هذه العلاقة؟ كذلك معرفة ما إذا كانت تتنبأ بعض أبعاد الشخصية بإدمان الانترنت، وتفحص الفروق بين مدمني الانترنت ومدمناته في أبعاد الشخصية والاضطرابات النفسية، وكذلك تفحص الفروق بين مدمني الانترنت وغير مدمنية في أبعاد الشخصية والاضطرابات النفسية، كما هدفت هذه الدراسة إل تفحص الفروق بين مدمني الانترنت في جمهورية مصر العربية ومدمنيه في المملكة العربية السعودية في أبعاد الشخصية والاضطرابات النفسية. وقد أجريت الدراسة على عينة (1000 طالباً جامعياً)، 546 طالباً منهم مدمنون للإنترنت 454 طالباً منهم غير مدمنين له، وقامت الباحثة بإعداد مقياس لإدمان الانترنت وتم تطبيق (استخبار "ايزنك" للشخصية، إعداد: مصطفى سويف) ، ومقياس الصحة النفسية (التشخيص الكلنيكي الذاتي للأغراض المرضية، إعداد: حسن مصطفى). وأشارت النتائج إلى وجود ارتباط دال إحصائياً بين الاضطرابات النفسية وأبعاد الشخصية وإدمان الانترنت. وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين مدمني الانترنت وغير مدمنيه في أبعاد الشخصية والاضطرابات النفسية، وجود فروق دالة إحصائياً بين مدمني الانترنت ومدمناته في أبعاد الشخصية والاضطرابات النفسية، وكذلك وجود فروق بين مدمني الانترنت في جمهورية مصر العربية ومدمنيه في المملكة العربية السعودية في أبعاد الشخصية والاضطرابات النفسية.

الدراسات الأجنبية:

1ـ دراسة موترام وآخرون (Mottram et al. 2009) هدفت هذه الدراسة إلى البحث عن منبئات الاستخدام المشكل للانترنت Problematic Internet Use، حيث طبق على (272) طالباً جامعياً استبان تقدير ذاتي تقيس الانبساطية، العدوانية، وعضوية جماعية على الانترنت، ومرات الاستخدام، والنوع كمنبئات للاستخدام المشكل للانترنت. وخصلت الدراسة إلى الذكور والإناث يختلفون بشكل دال إحصائياً في استخدامهم للأنترنت، حيث كان الذكور أكثر لعباً على الألعاب الكمبيوترية من الإناث، وأن الإناث أكثر عملاً من الذكور، الاستخدام المهني كان أقل دلالة للاستخدام المشكل للإنترنت من المجموعة التي لا تستخدمه مهنياً. العدد المرتفع للاستخدام، ونقص المثابرة (كجزء من الاندفاعية) وعضوية جماعة على الانترنت تتنبأ بشكل دال بالاستخدام المشكل للأنترنت.

2ـ دراسة بارك (Rark, 2009) هدفت هذه الدراسة إلى تقصي العلاقات بين استخدام الانترنت والاعراض الاكتئابية لدى المراهقين في كوريا الجنوبية. وتكونت العينة من عينة ممثلة من مجتمع الصف الثاني المتوسط من مدارس كوريا الجنوبية  (ن= 3449) ، وتم استخدام الانحدار اللوجيستي متعدد التباين، وقد وجدت الدراسة أن الزيادة في استخدام الانترنت ارتبط إيجابياً بزيادة المخاطر من أعراض الاكتئاب.

3ـ دراسة سيهان وسيهان (Ceyhan & Ceyhan, 2008): هدفت هذه الدراسة عما إذا كانت مستويات الشعور بالوحدة، والاكتئاب، والفعالية الذاتية في استخدام الكمبيوتر لدى طلاب الجامعة مؤشرات دالة لمستويات إدمان الإنترنت؛ حيث أجريت الدراسة على 559 طالباً جامعياً من تركيا، وتم تحليل بيانات البحث باستخدام تحليل الانحدار المتعدد. وقد أشارت النتائج إلى الشعور بالوحدة، والاكتئاب، والفعالية الذاتية في استخدام الكمبيوتر تعد مؤشرات دالة لمستويات إدمان الانترنت. والشعور بالوحدة هو المتغير الأكثر تنبؤاً لإدمان الانترنت، ثم جاء الاكتئاب في المرتبة الثانية، وبعدها الفعالية الذاتية لاستخدام الكمبيوتر.

4ـ دراسة صم وآخرون (Sum et al. 2008) استخدمت هذه الدراسة استبانة على شبكة الأنترنت لمسح آراء 222 استرالياً ممن يبلغ  أعمارهم 55 سنة لاستخدام الانترنت. وقد كانت الاستجابات أساساً منصبة على استخدام الانترنت للتواصل، والبحث عن المعلومات، والأغراض التجارية، وأوضحت النتائج إلى وجود ارتباطات سالبة بين الشعور بالوحدة والصحة النفسية، الاستخدام الأكبر للإنترنت كأداة توصيلة ارتبط بالمستويات المنخفضة للوحدة الاجتماعية، وعلى النقيض فأن الاستخدام الأكبر للإنترنت لاتجاه ناس جدد ارتباط بالمستويات المرتفعة للوحدة العاطفية.

تعقيب على الدراسات السابقة:

باستعراض الدراسات السابقة التي تم الإطلاع عليها ما يلي:

1ـ أكدت غالبية الدراسات على انه توجد علاقة ارتباطية بين إدمان الانترنت وبعض الاضطرابات النفسية المتمثلة في القلق الاجتماعي والاكتئاب والانطواء والعزلة والخجل وعدم القدرة على إقامة حوارات أو علاقات اجتماعية مباشرة، مما يؤكد على خطورة ظاهرة إدمان الانترنت، وكونها لا تقل خطورة عن إدمان الخمور والمخدرات لكون كلتا الظاهرتين تمثلان هدراً كبيراً للوقت والجهد والمال والصحة إضافة إلى الآثار النفسية والاجتماعية السلبية المرتبطة بالظاهرتين.

2. ظاهرة إدمان الانترنت أصبحت ظاهرة بالغة الخطورة، وتهدد كافة المجتمعات بقواعدها وأعرافها وقوانينها ومعاييرها ومثلها وأخلاقياتها نظراً لما تمثله من مخاطر على لغة وثقافة ومكونات المجتمعات، ونظراً لكونها متاحة لجميع الفئات العمرية في كل المجتمعات.

3. متغيرات الدراسة التي حددتها الباحثة لم تلق الاهتمام الكافي المجتمع العربي عامة والسعودي خاصة على وجهة الخصوص.

 

 

 

الفصل الثالث: إجراءات الدراسة

في هذا الفصل لأهم النتائج التي توصلنا لها من خلال تحليل المعطيات التي تم جمعها في الدراسة الأساسية، وهذا يعرض النتائج ثم مناقشتها وتفسيرها بالترتيب وفقاً للفرضيات المصاغة في بداية الدراسة.

          تنص هذه الفرضية على أنه: توجد علاقة دالة إحصائياً بين إدمان المعلمات بمحافظة قلوة للإنترنت والإصابة بالقلق الاجتماعي لدى معلمات محافظة قلوة.

          والتحقق من صدق الفرضية قامت الباحثة بحساب معامل الارتباط المتعدد من أجل قياس حجم العلاقة الارتباطية بين درجات معلمات محافظة قلوة في الإدمان على الأنترنت، والإصابة بالقلق الاجتماعي ، وقبل ذلك قامت بحساب العلاقات الارتباطية بين متغيري الإدمان على الانترنت والصحة النفسية، وكانت النتائج كالتالي:

جدول رقم (1) يوضح العلاقة بين متغير الإدمان على الانترنت والصحة النفسية بمعامل ارتباط بيرسون.

المغيرات

حجم العينة

القيمة الارتباطية

مستوى الدلالة الإحصائية

الإدمان على الانترنت والصحة النفسية

42

0.16

0.01

          من خلال الجدول أعلاه، بلغ معامل الارتباط بيرسون لدرجات المعلمات على مقياس الإدمان على الأنترنت والصحة النفسية 0.16 وهي قيمة موجبة ودالة إحصائياً عند مستوى دلالة 0.01.

          وبناءاً على هذه القيمة يمكننا القول أننا متأكدون أنه توجد علاقة ارتباطية موجبة ودالة إحصائياً بين الإدمان على الانترنت، وكل من الاكتئاب والوحدة النفسية من المعلمات بمحافظة قلوة في إدمان الانترنت.

          وهو ما يفسر على أن الإدمان على الانترنت يؤدي إلى الصحة النفسية وأنه كلما أدمنت المعلمات شبكات الأنترنت وسهولة استخدامها مما جعلت المعلمات يتعرضون لمشكلات نفسية واضطرابات تؤثر على حياتهم بغض النظر عمل مرحلة العمل التي يمرون بها وهي مرحلة حساسة وحرجة فالشعور بالاكتئاب والوحدة النفسية لدى المعلمات في محافظة قلوة.

          والملاحظة للنتائج يجد أن العلاقة الأقوى ارتباطاً والأكثر تأثيراً حسب النتائج هي العلاقة بين الإدمان على الانترنت والصحة النفسية لدى معلمات محافظة قلوة وهو ما يفسر أن الإدمان له صلة وثيقة بالصحة النفسية أكثر منه السلوك العدواني، هذا وقد اتفقت نتائج دراستنا الحالية مع العديد من الدراسات ومنها دراس حامد (2015) التي هدفت الدراسة إلى الكشف عن العلاقة بين الإدمان على الانترنت وكل من الاغتراب النفسي والسلوك العدواني على عينة من تلاميذ المرحلة الثانوية بولاية الوادي.

          تنص هذه الفرضية على أنه: توجد علاقة ارتباطية دالة إحصائياً بين إدمان المعلمات بمحافظة قلوة للإنترنت والإصابة بالاكتئاب.

          وللتحقق من هذه الفرضية قامت الباحثة باستخدام اختبار ت من أجل المقارنة بين درجات المعلمات المدمنين على الانترنت والإصابة بالاكتئاب في مقياس الصحة النفسية، وجاءت لنتائج كما يلي:

الجدول رقم (2) : نتائج اختبار ت للمقارنة بين متوسطي درجات معلمات المدمنين على الانترنت والإصابة بالاكتئاب.

مجموعتي المقارنة

العدد

المتوسط الحسابي

الانحراف المعياري

قيمة اختبار ت المحسوبية

قيمة اختبار ت المجدولة

درجات الحرية

مستوى الدلالة الإحصائية

المعلمات المدمنين على الانترنت

22

91.14

11.64

3.04

2.32

44

0.01

المعلمات المصابات بالاكتئاب

22

86.64

14.07

 

 

 

 

          من خلال الجدول أعلاه يتضح أن ، منهم مدمنين على الانترنت وهم 22 مدمنين من عينة الدراسة الكلية 44 معلمة، وقد بلغ المتوسط الحسابي لدرجاتهم على مقياس الصحة النفسية 91.14 بانحراف معياري قدره 11.64، كما قدر عدد المعلمات غير المصابات بالاكتئاب بـ 22 معلمة وبلغ المتوسط الحسابي لدرجاتهم على مقياس الصحة النفسية 86.64 بانحراف معياري قدرة 14.07، وهو أكبر من الانحراف المعياري الخاص بالمعلمات المدمنين.

          وبناءً على هذه القيم يمكننا القول أننا متأكدون بأنه توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين درجات المدمنين وغير المدمنين على مقياس الصحة النفسية لصالح المدمنين.

          وقد يرجع الفرق بين المدمنين والغير مكتئبين إلى درجة الإدمان فالفرد المدمن يكون أكثر شعوراً بالصحة النفسية بالتالي يعني تعرضه لاضطرابات نفسية كالعزلة اجتماعية والعجز وفقدان معنى الحياة وهي من مظاهر الصحة النفسية والتي ذكرت سابقاً، وتعتبر هذه النتيجة منطقية إذا ما رجعناً للتراث النظري الذي تطرقت مواضيعه عن أن الإدمان على الانترنت يؤدي إلى عزلة صاحبه ويقطع الصلة بين أواصره الاجتماعية، فالأشخاص المدمنين يعانون من الوحدة والعزلة الاجتماعية نتيجة لقضائهم أوقات طويلة على شبكة الانترنت.

     تنص هذه الفرضية على أنه: توجد علاقة ارتباطية بين إدمان المعلمات بمحافظة قلوة للإنترنت وشعرهم بالوحدة النفسية.

     وللتحقق من هذه الفرضية قامت الباحثة باستخدام اختبار ت من المقارنة بين درجات المعلمات المدمنين وشعورهم بالوحدة النفسية في مقياس الإدمان الإنترنت.

الجدول رقم (3) نتائج اختبار ت للمقارنة بين متوسطي درجات المعلمات المدمنين وشعورهم بالوحدة النفسية.

مجموعتي المقارنة

العدد

المتوسط الحسابي

الانحراف المعياري

قيمة اختبار ت المحسوبية

قيمة اختبار ت المجدولة

درجات الحرية

مستوى الدلالة الإحصائية

المعلمات المدمنين على الانترنت

22

80.88

17.01

0.19

1.64

44

0.05

المعلمات التي يشعرن بالوحدة النفسية

22

80.47

19.17

من خلال الجدول أعلاه، 22 بلغ المتوسط الحسابي لدرجات المدمنات على مقياس الإدمان 80.88 بانحراف معياري قدرة 17.01، كما قدر عدد المعلمات غير المدمنين على الانترنت بـ 22 معلمة وبلغ المتوسط الحسابي لدرجات المعلمات الاتي يشعرون بالوحدة النفسية على مقياس الإدمان الانترنت 80.07 بانحراف معياري قدره 17.17 وهو أكبر من الانحراف المعياري الخاص بأقرانهم المدمنين.

     وبناءً على هذه القيم يمكننا القول انه لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين درجات المعلمات المدمنات والمعلمات الاتي يشعرون بالوحدة النفسية على مقياس إدمان الانترنت.

     وقد جاءت هذه الفرضية عكس ما توقعناه وهو ما يؤكد أن الصحة النفسية ثابتة وموجودة لدى المعلمات المدمنات وغير المدمنات وقد يكون راجع إلى ضغوط العمل والأسرة والتي تجعلها تسلك هذه السلوك نتيجة لبعض الضغوطات أو للأسباب نفسية واجتماعية أخرى كالأبناء والمدرسة.

مناقشة عامة:

          نستنتج مما سبق هذا كله أن هناك علاقة ارتباطية بين كل من متغير الإدمان على الانترنت وعلاقته بالصحة النفسية لدى معلمات محافظة قلوة، أن العلاقة الأقوى ارتباطاً والأكثر تأثيراً حسب النتائج هي العلاقة بين الإدمان على الانترنت والصحة النفسية لدى معلمات محافظة قلوة وهو ما يفسر أن الإدمان له صلة وثيقة بالصحة النفسية أكثر منه السلوك العدواني.

وقد يرجع الفرق بين المدمنين والغير مكتئبين إلى درجة الإدمان فالفرد المدمن يكون أكثر شعوراً بالصحة النفسية بالتالي يعني تعرضه لاضطرابات نفسية كالعزلة اجتماعية والعجز وفقدان معنى الحياة وهي من مظاهر الصحة النفسية والتي ذكرت سابقاً، وتعتبر هذه النتيجة منطقية إذا ما رجعناً للتراث النظري الذي تطرقت مواضيعه عن أن الإدمان على الانترنت يؤدي إلى عزلة صاحبه ويقطع الصلة بين أواصره الاجتماعية، فالأشخاص المدمنين يعانون من الوحدة والعزلة الاجتماعية نتيجة لقضائهم أوقات طويلة على شبكة الانترنت.

وقد جاءت هذه الفرضية عكس ما توقعناه وهو ما يؤكد أن الصحة النفسية ثابتة وموجودة لدى المعلمات المدمنات وغير المدمنات وقد يكون راجع إلى ضغوط العمل والأسرة والتي تجعلها تسلك هذه السلوك نتيجة لبعض الضغوطات أو للأسباب نفسية واجتماعية أخرى كالأبناء والمدرسة.

وعموماً يمكن القول أنه من خلال هذه النتائج أيضاً أتضح أن الإدمان على الانترنت مع استخدام شبكة الانترنت، وأن رغبة المدمنة في استخدام الانترنت وشخصيتها واختلاف التنشئة الاجتماعية والبيئية التي تتم فيها، كما توصلنا في نتائج دراستنا إلى أن الإدمان وعلاقته بالصحة النفسية منتشر لدى المعلمات في محافظة قلوة بدرجات متفاوت وقد يكون ذلك بسبب الاستخدام المفرط للأنترنت الذي يعزز ظهورهما لدى فئة المعلمات.

 

 

الفصل الرابع : النتائج والمقترحات

النتائج:

          إن ظاهرة استخدام الانترنت تعرف انتشاراً واسعاً بين المعلمات وخاصة في الآونة الأخيرة مما قد يفتح مجال الإدمان عليها، وبالتالي قد يؤدي تفاقمها إلى حدوث ما لا يحمد عقباه من اضطرابات نفسية ووقوع مشكلات تربوية وانخفاض الغياب والنفور من العمل وغيره.. واستخدمت بذلك المنهج الوصفي الارتباطي المناسب لطبيعة الدراسة، وفي الأخير تحصلنا على النتائج وهذا بالاعتماد على أساليب إحصائية مناسبة للدراسة وتطبيق برنامج SPSS وهي كالتالي:

1.     أنه توجد علاقة ارتباطية موجبة دالة إحصائية بين الإدمان على الانترنت وعلاقته بالصحة النفسية لدى معلمات محافظة قلوة بمعنى أن كلما أدمنت المعلمات استخدام الانترنت زاد من الاكتئاب والوحدة النفسية لديهم والعكس كلما قل نسبة استخدام الانترنت قل الاكتئاب والوحدة النفسية لدى المعلمات.

2.     كما قد توصلنا أيضاً إلى أنه هناك فروق بين المعلمات المدمنات والغير مدمنات في كل من الاكتئاب والوحدة النفسية فالأولى في الاكتئاب كانت لصالح المدمنات ما يؤكد شعور الوحد النفسية بدرجة عالية من الاكتئاب سببه الاستخدام المفرط للإنترنت والعكس بالنسبة المستخدمين بدرجة أقل لا يشعرون بدرجة كبيرة من الصحة النفسية.

3.     بالنسبة للصحة النفسية فقد جاءت نتائج دراستنا عكس الفرضية المتوقعة بأنه لا توجد فروق بين المعلمات المدمنات والغير مدمنات في الاكتئاب والوحدة النفسية مما يدل على أنه سلوك متأصل لدى المعلمات نتيجة أسباب وعوالم أخرى (العمل، الأسرة، المجتمع) وقد يعود لعدم استخدام المعلمات لمواقع تحث على ممارسة العنف النفسي، وما يصاحبه من اضطرابات نفسية وانفعالية وتغيرات في جميع المستويات الفكرية، مما يستدعي تدخل المتخصصين في الإرشاد النفسي ويظهر دوره في القيام:

أولاً: توعي المجتمع بصفة عامة وخاصة أسر المعلمات وكذلك المعلمات بمخاطرة الإدمان على الانترنت واستغلالها بما يفيدهم في مجال عملهن.

ثانياً: إقامة دورات تدريبية وإعلامية للتعريف بمدى خطر إدمان الانترنت وما تخلفه من أثار سلبية على الإنسان.

ثالثاً: توضع برامج علاجية وإرشادية للمعلمات وذلك بمساعدتهن في التخفيف من حدة الإدمان.

رابعاً: العمل على غرس القيم الدينية والاجتماعية والخلقية والثقافية في نفوس المعلمات منذ التعليم المبكر من خلال التوجيهات والإرشادات الهادئة والقدوة الحسنة في الأسرة وغرس القيمة الإيجابية لاستثمار الانترنت في أوقات مناسبة وفترات زمنية مقبولة.  

خامساً: تحسيس المجتمع بسبل الوقاية من الاستخدام المفرط الانترنت التي تخلف آثار سلبية على الفرد م جميع النواحي (النفسية، العقلية ، الجسدية).

سادساً: توجيه نصائح لأسر المعلمات بضرورة مراقبة أبنائهم اثناء استخدام الانترنت والزمن الذي يقضونه في استخدامه.

مقترحات الدراسة:

وفي ضوء النتائج التي توصلنا لها تقترح الباحثة مجموعة من الدراسات والبحوث يخص هذا المجال:

·        تصميم برامج إرشادية ومعرفية مكثفة للتخفيف من حدة المشكلات النفسية والاجتماعية الناجمة من استخدام الانترنت المفرط للمعلمات.

·        القيام ببحوث ودراسات حول ظاهرة الإدمان على الانترنت في جميع المدارس السعودية والمقارنة بينهم وكذلك على فئات أخرى في المجتمع غير فئة المعلمات.

·        دراسة حول المشكلات الناجمة عن الصحة النفسية من وجهة نظرهم.

·        إجراء دراسات مقارنة بين المدمنات على الانترنت والغير مدمنات في محافظة أخرى.

·        التحقق من مدى انتشار الإدمان على الانترنت لدى عينات أخرى من المجتمع وفي مؤسسات أخرى.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المراجع

المراجع العربية:

1.       أرنوط، بشرى إسماعيل (2007م)، إدمان الإنترنت وعلاقته بكل من أبعاد الشخصية والاضطرابات النفسية لدى المراهقين، مجلة كلية التربية، جامعة الزقازيق، العدد55.

2.       إسماعيل، نبيه إبراهيم (2006م )، عوامل الصحة النفسية السليمة، (د.ط)، إيترك للنشر والتوزيع، القاهرة.

3.       زيدان، عصام محمد (2008م)، إدمان الانترنت وعلاقته بالقلق والاكتئاب والوحدة النفسية والثقة بالنفس، مجلة دراسات عربية في علم النفس.

4.       الشرقاوي، مصطفى خليل (2007م)، علم الصحة النفسية، بدون ط، دار النهضة العربية، بيروت، لبيان.

5.       عبد الخالق، أحمد محمد(2016م)، المقياس العربي للصحة النفسية، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة.

6.       العبيدي، ناصر بن صالح، اثر برنامج إرشادي لخفض درجة الإدمان على الانترنت لدى طلاب المرحلة الثانوية بمدينة الرياض، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، طلبة الدراسات العليا قسم العلوم الاجتماعية، المملكة العربية السعودية.

7.       العصيمي، عبد المحسن أحمد (2010م)، الآثار الاجتماعية والاقتصادية لاستخدام الحاسب الآلي على أبناء الأسرة السعودية، رسالة دكتوراه (غير منشورة)، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، كلية العلوم الاجتماعية، الرياض.

8.       علي، محمد النوبي محمد (2010م)، مقياس إدمان الانترنت لدى طلاب الجامعة الموهوبين، دار صفاء للنشر والتوزيع، عمان.

9.       علي، أحمد علي (2007م)، الصحة النفسية: مشكلاتها ووسائل تحقيقها، مكتبة عين شمس، القاهرة، مصر.

10.  علي، محمد (2010م)، إدمان الانترنت في عصر العولمة، دار صفاء للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، عمان.

11.  عليان، ربحي مصطفى (2004م)، البحث العلمي، أسسه مناهجه واساليبه وإجراءاته، بيت الأفكار الدولية، عمان.

12.  الغامدي، عبد الله أحمد (1430هـ)، تردد المراهقين على مقاهي الانترنت وعلاقته ببعض المشكلات النفسية لدى عينة من طلاب المرحلة الثانوية بمكة المكرمة، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة أم القرى.

13.  منصور، عصام. الديبوبي، عبد الله (2011م)، إدمان الأنترنت وأثاره الاجتماعية السلبي لدى طلبة الثانوية العامة في عمان كما يدركها الأخصائيون الاجتماعيون، مجلة كلية التربية، جامعة عين، شمس ، العدد 35 الجزء الثاني.

المراجع الأجنبية:

1.   Erwin B,A. (2000): the Internet the avoidance superhighway among person with social xnxiety, paper piesoted at annual reefing of Association for advancement of behavior therapy, new Orleans, I.A.

2.   Bei, E.; sue-Huei, and chang-kook, Y. (2001): Intemet addiction disorder among clients of virtual clinic. J.Psychiatric services, 52, (10): 55.

3.   Ceyhan, A., & Ceyhau. E (2008)> "Loneliness. Depression and computer self-efficacy as predictors of problematic intemet use'. Cyberpsycholoy & Behavior, Volume 11, Number 6.

4.   Sum. S.; Mathews, R.; Campbell, A, & Hughes, l., (2008). "Internet use and loneliness in older adults". CyberPsychology & Bebavior,Volume 11, Number 2.

 

 



إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال